أسعل بحرقة...
فتناولني في ارتباك زجاجة الدواء
و تنظر عبر النافذة الصغيرة
الليل عباءة مرصعة بالنجوم
تلفها على كتفي الراضخين لفعل الإنحناء
"بردانة"
و ترتجف رئتي كلما اجتاحها دمي المتجمد في كبرياء
"هذه أنفلونزا الشتاء"
تعلن مقررا في غباء
لا يا سيدي
ما بي أعرفه
هذه حمى تعابثني
تعيث في ذاتي افتراسا حين يعانقها الدواء
و تستكين في براءة حينما أترك الشفاء لرب السماء
هذا عبث و انتظار و شقاء
هذا عويل العروق التي جفت في يدي انتظارا و جفاء
و أنت غافل
و أنت جاهل
و أنت قاتل
و أنت بلا منازع سيد الجهلاء
تمارس علي سهوا أو عمدا طقوس الإنكسار
تمزقني مابين الدعاء و الرجاء
تردد على مسامعي كلماتك الجوفاء
تنصحني بارتداء معطفي الطويل
و وشاحي الصوفي
و قفازاتي السوداء
و قبعتي الملونة التي أهديتنيها في عيد الجلاء
وأنا أنظر إلى كلماتك في استغراب
أمسكها كحبات رمل بين أصابعي
تطيرها بلا رحمة نسمات الهواء
ما بك لا تفهم
ما بك لا تسمع النداء
جدران البيت تعرف
صوري القديمة القابعة في ألبومي الصامت تعرف
شرائط عبد الحليم التي ملت من الغناء
قصص أجاثا بمسارح جرائمها المزدانة بالدماء
حليي الحائرة في علبة العرعار
سمكتي الحزينة الحمراء
كل تفاصيل حياتي تعرف
و أنت ما زلت تردد في إصرار حروفك الصماء
ما زلت تردد بلا انقطاع كببغاء
"هذه أنفلونزا الشتاء"