قصور البيض... قطع من صلب التاريخ
بلواسع الجيلالي ـــ 05-07-2012
تتميز معظم مدن ولاية البيض على إتساع مساحتها التي تقدر ب 71696.70 كم 2 بعمران قديم طوبي جله بني منذ قرون خلت له عمق تراثي ثقافي حضاري مع مرور الزمن لاسيما بأشهر المناطق بالولاية منها بلدية بوسمغون ،الغاسول ،بريزينة وعاصمة أولاد سيدي الشيخ ،أربوات ..وتشتهر هذه المناطق العريقة بالكثير من القصور العتيقة خاصة طبيعة البناء والشكل وهي ذات بناء معماري إسلامي متمثلا في الأقواس ومساحات المنزل والممرات السرية والأزقة
الضيقة المتصلة مباشرة بالمساجد لأن كل القصور تتوسطها بيوت الله ومن أهم هذه القصور المنتشرة عبر بلديات ولاية البيض منها قصر بنت الخص بضواحي بلدية بريزينة وكذلك قصر بريزينة وقصر الشلالة ،قصر بوسمغون الذي يفوق تاريخه أكثر من حوالي 9 قرون لا يزال يقصده سنويا الكثير من السياح والزوار من مختلف مناطق الوطن وخارجه.. وكذلك قصر أربوات وقصر الغاسول ،قصر ستيتن وقصر الكراكدة ...ومن بين القصور التي خصصنا لها زيارة بداية بجولة من بلدية أربوات التي تتميز بالكثير من المعالم التاريخية والمواقع الأثرية خاصة تحفة القصر الذي يتوسط مدينة أربوات
بالتسمية الحديثة كانت تسمى أربوات قديما منذ قرون خلت "بتاربايا " يعود تأسيس قصر أربوات إلى حوالي أكثر من 05 قرون خلت أي سنة 1600م أصل تسمية القصر " بأربوات " يرجع إلى كلمة الربوة وهي مكان المرتفع باعتبار أن القصر يقع على ربوة وادي سيدي معمر بالعالية ( جد الوالي الصالح سيدي الشيخ ) و يقال أن هذه التسمية أطلقها عليها قديما الفاتح سيدي معمر بالعالية تسمية بربوة البلاد.
❊ 40 قصرا
ويعتبر قصر أربوات من أحدث القصور المنتشرة بالجهة من حيث التأسيس وهو واحد من 40 قصرا أنشأت عبر تاريخ المنطقة وتجدر الإشارة بان هذه القصور المندثرة منها قصر السنارية، قصر الحمام، قصر قارة الصوان، القصر الخالي يتربع قصر أربوات على مساحة تقدر ب 2.08 هكتار ويسحتوي على أربعة أبواب هي الباب الغربي ، الباب الشرقي ، الباب الظهراني،الباب القبلي...وتتميز بيوته (مساكنه) المتدخلة يبعضها البعض تربطها أزقة ضيقة وهذه المساكن مبنية مجملها من طابقين أرضي و طابق علوي وهو ما كان يسمى آنذاك بالغرفة وهي تستعمل في فصل الصيف هذه الميزات العمرانية تعتمد لمواجهة العوامل الطبيعية باعتبار أن مناخ المنطقة حار جاف صيفا و بارد شتاء يضاف إلى هذا أن هناك عامل مهم جعل من القصر مرتبط ببغضه البعض و له مخارج و أبواب معلومة حتى يتسنى لساكنيه صد الغزاة و لكي يكون القصر في أمان المواد المستعملة في بناء المنازل بتقنيات قديمة العهد تعتمد في الأساس على الطين و مسقفة بالجريد و جذوع النخيل لأن مادة الطين مقاومة لحرارة الصيف و برودة الشتاء.. والقصر مقسم إلى أربعة أحياء و يوجد داخل كل حي أزقة تربط البيوت و كل هذه الأحياء أزقتها تصب في الساحة الرئيسية و التي تسمى "الرحبة" يتجمع فيها السكان مما توطد بينهم مظاهر التأخي والتلاحم والأهم من ذلك يتم إلتئام شملهم في التواصل والتشاور بعد إنتهاء من أعمالهم اليومية في المساء خصوصا خلال أونة صلاة العصر بالمسجد العتيق ـ الذي يتوسط مباني قصر أربوات ـ و الذي كانت تؤدى فيه الصلوات الخمس و صلاة الجمعة إضافة إلى إقامة دروس الوعظ و الإرشاد و تعليم الصبية والأطفال القرآن الكريم و اللغة العربية والقضايا التي تهم سكان القصر لاسيما حل الخلافات وتوطيد العلاقات الاجتماعية والتجارة ومن أهم المعالم التي كانت شامخة بمنطقة أربوات تأتي على وجه الخصوص"قارة الطالب " التي تعتبر من أهم المحطات الأثرية على مستوى المنطقة أو بالأحرى بولاية البيض وكذا الجهة تحتوي على رسومات و نقوش حجرية جد هامة أشهرها العقرب العملاق توضح صورته التي يبلغ طولها 06 أمتار وعرضها 02 متر والمرسومة بطريقة فنية رائعة وغاية في الدقة و الجمال بالإضافة إلى رسومات أخرى تاريخية تعود حقبتها إلى العصر الحجري تقع على بعد 07 كم من مقر بلدية أربوات تعد مقصدا للسياح من مختلف الجنسيات وكذلك تعتبر متنزه للعائلات خلال عطلة الصيف توجد بها أشجار نخيل يفوق عددها أكثر من 3 ألاف شجيرة علاوة عن المناظر الطبيعية الخلابة لاسيما وجود مصدر مائي عريق يعرف بالتسمية الشعبية "العين"ماؤها عذب يجري على مدار السنين بسواقي واحة النخيل..
❊ إهمال بيّن
وعلى أهمية القصور ان بعضها يعاني الإهمال طالتها الانهيارات خصوصا القصر العتيق بعاصمة مدينة سيدي الشيخ الذي يعود تاريخ بنائه إلى حوالي أكثر من 3 قرون و50 عاما يقابله المسجد العريق المسمى "مسجد أبي بكر الصديق يتطابق تاريخه مع القصر العتيق الذي تأثر كثيرا من الفيضانات الأخيرة فإن القصر كان يعد تحفة عمرانية تستقطب السياح من مختلف الأوطان.. وعلى هذا السياق بأن من أهم الأثريات التي لفتت إنتباه الخاص والعام لاسيما السياح خلال توافدهم على مناطق الأبيض سيدي الشيخ جنوبا يأتي قصر ملك سليمان الواقع على بعد حوالي 20 كم عن مقر بلدية البنود حيث يتميز موقع القصر بخصوصيات متميزة لها عدة أبعاد تاريخية وحضارية يقع هذا الأخير أي القصر الذي شيد منذ حوالي 10 قرون حسب ترجيح المعطيات في مكان عالي على إرتفاع 72 م على سطح الأرض ببلدية البنود بان هذا القصر كان يملكه أحد الملوك خلال الحقب الغابرة يدعى"الملك سليمان" كان يتحصن به مع جيشه وخدمه ويحارب العدو في زمن وقت السلطان لكحل خلال حقبة عهد قبيلة بني عامر،ومن أهم التقنيات الحربية توجد بالقصر خنادق عرضها 4 أمتار تعتبر كبوابة لذاك المكان من خلالها يتم مراقبة اي تحرك للقوات المعادية لذا لا يستطيع العدو عبور الخنادق التي لا تزال شواهدها قائمة إلى يومنا هذا والقصر أصبح مزارا عبر التاريخ... ولقد حظيت الكثير من المعالم الأثرية بالأبيض سيدي الشيخ . منها قصر ملك سليمان ومنطقة تسمرت، الخرواعة، قصر لالة ربيعة،. باهتمام خاص لاسيما لدى السياح الذين يتوافدون من مختلف مناطق العالم وكذلك الزوار عبر مناطق الوطن الذين تتيح لهم فرص عطلة الصيف خلال إحياء التظاهرات الثقافية المعروفة "بالوعدات " بالمنطقة حيث اكتشاف كنوز السياحة ومناطق التنزه بالبلاد أما المتجول بقصر الغاسول يندهش حين يتوغل بأزقته الضيقة وتحفة عمران بناء أقواسه والجلوس بغرفه لاسيما خلال الصيف البرودة ومتعة الراحة تحت ظلال أسقفه المرصوصة بالجريد وجذوع النخيل إنها معالم الحضارة التي مرت من هنا منذ أمد بعيد وتشير بعض المعطيات التاريخية بان القصر بني منذ حوالي أكثر من 8 قرون لا يزال يحافظ على مكانته وقيمته الحضارية والتاريخية من خلال إهتمام سكان البلدة المشهورة بالكرم والشهامة علاوة عن المنتوجات الفلاحية مثل زراعة النعناع والتين.. أما قصر بنت الخص عالم أخر من معالم الحضارة والبعد الزمني خاصة تقنيات البناء والتشيد التي كانت تعتمد أساسا على الطين والحجارة والطوب والتي لا تزال صامدة إلى يومنا هذا مشكلة كنوز التراث بولاية البيض..