أسمى صفاتِكَ أنْ تكون كريما | وتكونَ بَراً بالعباد رحيما
|
أسمى صفاتِكَ أنْ تكونَ مميَّزاً | بسداد رأيكَ في الأمور، حكيما
|
تسعى بكَ الدنيا، وأنتَ تقودُها | بالحقِّ، تُسْعِدُ قلبها المهموما
|
تلقى الخطوبَ وأنتَ أرفَعُ هامةً | منها، وتأنَف أنْ تعيش ذَميما
|
أسمى صفاتكَ أنْ ترى الدنيا بلا | غَبَشٍ، وأنْ يبقى الفؤادُ سليما
|
أنْ تجعل التاريخَ يَمْلأُ كأسَه | وتكونَ أنتَ رحيقَها المختوما
|
ترمي بسهمكَ، لا لِتَقْتُلَ آمناً | لكنْ لتحرُسَ خائفاً محروما
|
تسعى إلى كَسْبِ العلومِ تقرُّباً | للهِ، لا ليُقَالَ: صار عليما
|
أسمى صفاتكَ أنْ تحلِّقَ عالياً | بجناح عدلكَ، تنصر المظلوما
|
يا حاملَ الدُّنيا على كتفِ الرِّضا | يا من رأيتُكَ للجَفاءِ غَريما
|
يا ساعياً للخير في العصر الذي | ما زال حَبْلُ وفائه مصروما
|
للخير أغصانٌ تطيب ثمارُها | فامنحْ جَناها خائفاً وعَديما
|
واحملْ إلى أفيائها الطفلَ الذي | ما زال في حُفَرِ الشقاء مقيما
|
فلَرُبَّ ماسحِ أَدْمُعٍ من مقلةٍ | تبكي، رأى فضلاً بهنَّ عَميما
|
انظرْ إلى وجه اليتيمِ، ولا تكنْ | إلا صديقاً لليتيمِ حميما
|
وارسمْ حروفَ العطف حَوْل جبينهِ | فالعَطْفُ يمكن أنْ يُرى مرسوما
|
وامسح بكفِّكَ رأسه، سترى على | كفَّيكَ زَهْراً بالشَّذَا مَفْغُوما
|
ولسوف تُبصر في فؤادكَ واحةً | للحبِّ، تجعل نَبْضَه تنغيما
|
ولسوف تبصر ألفَ ألفِ خميلةٍ | تُهديك من زَهْر الحياةِ شَميما
|
ولسوف تُسعدكَ الرياضُ بنشرها | وتريكَ وجهاً للحنانِ وسيما
|
انظرْ إلى وجه اليتيم وهَبْ له | عَطْفاً يعيش به الحياةَ كريما
|
وافتحْ له كَنْزَ الحنانِ، فإنما | يرعى الحنانُ، فؤادَه المكلوما
|
لولا الحنانُ لَمَا رأيتَ سعادةً | لولا السماءُ لَمَا رأيتَ نجوما
|
لولا الرّياحُ لَمَا رأيتَ لَواقحاً | لولا البحارُ لَمَا رأيتَ غيوما
|
لولا الغصونُ لما رأيتَ ظِلالَها | لولا الرعودُ لَمَا سمعتَ هَزيما
|
لولا الربيعُ لما رأيتَ زُهورَه | تشدو، ولا لامَسْتَ فيه نَسيما
|
يا كافلَ الأيتامِ، كأسُكَ أصبحتْ | مَلأَى، وصار مزاجُها تسنيما
|
ما اليُتْمُ إلاَّ ساحةٌ مفتوحةٌ | منها نجهِّز للحياةِ عظيما
|
ونحوِّل الحرمانَ فيها نعمةً | كُبْرى تُزيل عن الفؤادِ هموما
|
قَسَمَ الإلهُ على العباد حظوظَهم | فالكلُّ يأخذ حَظَّه المقسوما
|
وسعادةُ الإنسانِ أن يرضى بما | قَسَمَ الإلهُ، ويُعلنَ التَّسليما
|
قالوا: اليتيمُ، فقلتُ: أَيْتَمُ مَنْ أرى | مَنْ كان للخلُقِ النَّبيل خَصيما
|
قالوا: اليتيمُ، فقلتُ أَيْتَمُ مَنْ أرى | مَنْ عاشَ بين الأكرمينَ لَئيما
|
كم رافلٍ في نعمةِ الأبويْن، لم | يسلكْ طريقاً للهدى معلوما
|
يا كافلَ الأيتام، كفُّكَ واحةٌ | لا تُنْبِتُ الأشواكَ والزَّقُّوما
|
ما أَنْبَتَتْ إلاَّ الزُّهورَ نديَّةً | والشِّيحَ والرَّيحانَ والقَيْصُوما
|
أَبْشِرْ فإنَّ الأَرْضَ تُصبح واحةً | للمحسنين، وتُعلن التكريما
|
أبشرْ بصحبةِ خيرِ مَنْ وَطىءَ الثرى | في جَنَّةٍ كمُلَتْ رضاً ونَعيما
|
قالوا: اليتيمُ، وأرسلوا زَفَراتهم | وبكوا كما يبكي الصحيحُ سَقيما
|
قلت: امنحوه مع الحنانِ كرامةً | فلرُبَّ عَطْفٍ يُوْرِثُ التَّحطيما
|
ولَرُبَّ نَظْرةِ مُشفقٍ بعثتْ أسىً | في قَلبه، جَعَلَ الشفيقَ مَلُوما
|
قالوا: اليتيمُ، فَمَاج عطرُ قصيدتي | وتلفَّتتْ كلماتُها تَعظيما
|
وسمعْتُ منها حكمةً أَزليَّةً | أهدتْ إِليَّ كتابَها المرقوما:
|
حَسْبُ اليتيم سعادةً أنَّ الذي | نشرَ الهُدَى في الناسِ عاشَ يَتيما |